بعد ستة أشهر من اندلاع شرارة الأزمة الأوكرانية التي وحدت الدول الغربية في صف واحد لمواجهة روسيا وارهاقها اقتصاديا وعسكريا، لم يكن قادة هذه الدول يدركوا أنهم سيكونون في قلب الصراع وأن مواطني بلادهم هم من يدفعون ثمن فواتير الحرب المرتفعة
فالأزمة وما خلفته من خسائر بشرية واقتصادية لروسيا وأوكرانيا، كان لها ضحايا كثر في العالم بشكل عام وفي القارة الأوروبية بشكل خاص، فارتفاعات التضخم التي اشعلتها أزمة الطاقة رفعت من تكلفة المعيشة في القارة العجوز لمستويات غير مسبوقة، واستنزفت جيوب المواطنين الذين أصبحت أصواتهم تعلو يوما بعد الآخر مطالبين حكومات بلادهم بالتدخل سريعا لتوفير الدعم
العديد من الحكومات استجابت للمطالب وضخت حتى الآن ما مجموعه 280 مليار دولار لتخفيف آلام ارتفاع أسعار الطاقة على الشركات والمستهلكين، لكن ضخامة الأزمة تُعرض هذه المساعدات لخطر التضاؤل، وهو ما دفع ببعض القادة في الاتحاد الأوروبي لدعوة المواطنين على شد الأحزمة والاستعداد للأسوأ ومنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس
فعمليات التحفيز التي يطالب بها الأوروبيون تثير المخاوف من اشعال موجة تضخمية أعنف من الحالية، كما تهدد باستنزاف الموارد المالية في القارة الأوروبية، ففي بريطانيا لوحدها ستتحمل الحكومة نحو 130 مليار دولار حتى العام المقبل لتغطية تكاليف الطاقة الإضافية، وفي ألمانيا ضخت الحكومة حتى الآن نحو 30 مليار دولار وفي إيطاليا وصلت الأرقام إلى عشرين مليار كما خصصت فرنسا أكثر من 24 مليار دولار للهدف نفسه
ولم تقتصر الخسائر التي تواجهها أوروبا على الاقتصاد بل وصلت إلى أنظمة الحكم، ففي فرنسا فقد إيمانويل ماكرون الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، وتراجع حزب أولاف شولتس في ألمانيا للمركز الثالث في استطلاعات الرأي، في حين تنتظر إيطاليا وبريطانيا انتخاب رئيس وزراء جديد.